الخميس، 24 ديسمبر 2009

حميمية الفراق

حميمية الفراق

أردت محادثته فجأة ..و لا اعرف لماذا ؟!
ربما بسبب موسيقي الأغنية التي استمع إليها ..
اطلبه مرتين وفي كل مرة اسمع الصوت المميز لعدم الرد .. اجرب الرقم الآخر لأجده مغلق تماماً

هل كان حب ؟!
أم مجرد صداقة تطورت مع ذلك الاحتياج الرهيب والإحساس الداخلي بالوحشة والفراغ .. أم هو مجرد إنسان فهمني بحق .. واستمتعت معه بإحساس وهمي بالغيرة و الاشتياق !
الحيرة تملؤني حتى الحواف .. لكن الزمن يمضي وحيرتي تقل ولا يتبقى من اسمه إلا حنين غامض أتذكره بعض الأيام حين يبدأ الخواء في التظليل من جديد على مشاعري .ـ


منذ صغري لم احب الأطفال .. فقد أخذت نصيبي منهم على شكل اخوة صغار و أقارب .. لكنه دوماً كان يذكرهم .. حتى أمي وأبى وأمه أباه لم يتركوا مناسبة إلا وذكروني بالهدف الأسمى لارتباطنا ..
الأطفال !
ردود أفعالي كانت تتراوح دائما ما بين الابتسام الصامت أو القول بأن الآمر لازال مبكراً ..فنحن لم نتزوج بعد ..

ثم استجمعت شجاعتي يوماً وطلبت منه تأجيل الأطفال بعد زواجنا لفترة .. نظر لي باستنكار قائلاً .. ولماذا نتزوج إذن !
أجبت في صدمة: أتزوجك لأني احبك
ثم أردفت في عصبية ولان الزواج هو النطاق الوحيد لعلاقتنا في مجتمعنا الظالم .. لكنك لم تسألني يوماً ما الذي أريده بالفعل .. كل ما أردته هو تلبية رغباتك فقط .. أما أنا فمجرد تابع هدفه الأسمى هو السهر على راحتك ليس إلا !
صمت في صدمة ..
وأنا أيضا صدمت من انفجاري المفاجئ .. فلم أتخيل أن تحت مظهري الضعيف كل تلك القوة الجارفة ..
حسمت أمري ونزعت خاتمه ووضعته في يده قائلة وداعاً .. ولم التفت مرة أخرى ورائي .. فالان أنا ارفض الزواج والأطفال معاً .. وليذهبوا جميعا إلى الجحيم


إذا سمحتي ..
انظر لمحدثي في لا مبالاة ..
لأجده رجل فارع الطول يحمل بعض الوسامة في وجهه .. مع السمار المحبب وعينين غطت على كل مشاعري .. أبقيت تواصل العينين حتى لا يلاحظ ارتباكي لرؤيتي إياه
أنا : تفضل
هو : اعتذر لكني تصورت من على بعد انك صديقة دراسة قديمة .. عذرا على الإزعاج
أنا : لا تهتم .. لم يحدث شيء ..
ينصرف .. وأنا أتأمل مشيته الرشيقة الواثقة .. لكني لم أنسى تلك العينان .. لكم قاومت حتى أستطيع فقط الاستمرار في النظر إليهما ..
ألاحظ وجوده تلك المرة في تلك الكافيتريا العتيقة .. يأتي مع أصدقاء أحيانا .. و أحياناً وحيداً مثلي ليشرب قهوته ويمضي .
من وقت لأخر ينظر إليّ أو يحيني بهزة رأس ودية .. ثم تجاسر في إحدى المرات وطلب مني الانضمام إليه
لشعوره بالوحدة .. لم ارفض بالطبع لكني سعدت كثيراً يطلبه .. وأصبحت عادتنا أن نلتقي هنا بلا معاد .. يأتي ويذهب وأنا أظل في مجلسي المعتاد ..حتى قالها لي .. احبك ..
وقتها أشحت بوجهي صامتة ولم أرد .. لكني رأيت الألم يكسو وجهه .. ثم تمتم بصوت خفيض ..اعتذر منك ..

وانصرف للأبد ..
آه لو يعلم


استمرت علاقتي به عام ونيف .. امتزجت وقتها مشاعر السعادة والخوف من الآخرين كقيد حول عنقي .. لا اعرف لماذا انهارت مقاومتي وطالبته بالارتباط الذي اكره ويمقته هو
نظر إلى طويلاً ولم يرد .. وأنا اقطع صمته بأفكاري عن المجتمع وضغطه المتزايد عليّ فالسبيل الوحيد لنبقى معاً الآن هو الزواج ..
تركني ليجلس على الأريكة .. وظللنا في ذلك الصمت البارد الموحي بالفراق لفترة .. ثم لملمت ما تبقى من مشاعري المتهشمة و آخذت حقيبتي خارجة .. وأنا في طريقي للخروج ملت على أذنه وهمست في مرارة .. لقد كسرتني ..
ثم رحلت بلا عودة


لازلنا في نفس حيز المكان .. نتنفس نفس الهواء .. لكن حتى الصمت بيننا لم يستطع تمزيق ذلك البعد .. لم يستطع جمعنا من جديد
انظر له في سكون .. أحاول البحث عن مدخل أو كلمة قد تدفئ تلك البرودة الجاثمة على شعورنا .. ولا اجد غير الفراغ

ليست هناك تعليقات: